مع العلامة الشيخ محمد الغزالي بعد أكثر من 12 سنة من وفاته
بقلم : وصفي عاشور أبو زيد :
تمر بنا هذه الأيام الذكرى العاشرة لوفاة رجل عزيز على أنفسنا حبيب إلى قلوبنا ، فقدت الدعوة الإسلامية المعاصرة بموته عَلمًا من أعلامها ، وكوكبًا من كواكب الهداية في سمائها ؛ لأنه عاش حياته لخدمة الإسلام ومات وهو يدافع عن قضايا الإسلام . إنه الداعية الكبير الشيخ محمد الغزالي عليه رحمة الله ورضوانه .
لقد شق قلمه المضيء حجب ظلمات الجهل والبعد عن الله ما يزيد عن نصف قرن ، فاستضاءت أجيال متعاقبة بهذا القلم الصَّيِّب والكلم الطيب ، وقد وجدت هذه الأجيال بغيتها عنده ، فأصغى لدرر محاضراته الملايين من المسلمين في المشارق والمغارب ، وأخرجت المطابع هذا الكلم الرفيع كتبا ورسائل ومقالات دبجها يراع داعيتنا الكبير تُزوِّد جيل العودة إلى الله بالبحث والحوار العلمي والتوجيه إلى طريق الرشد في ظل القرآن وتحت رايته .
عُرف الشيخ بنصحه للمسلمين وترشيده لمسار الدعوة إلى الله عز وجل ، وأطلق العنان للدعاة يوم كان مسئولا عن الدعوة في وزارة الأوقاف ، وله جولاته في مقاومة الزحف الأحمر والمد التنصيري ، وقد جأر في وجه التيار العلماني الذي حاول سلخ الأمة من عقيدتها وشخصيتها المتميزة ، ووقف مع الأزهر ذائدا عن حماه ، عاملا على إحياء رسالته . طوف العالم الإسلامي الواسع فعمل بالمملكة العربية السعودية بجامعة الملك عبد العزيز وجامعة أم القرى سبع سنوات ، ودافع عن السعودية وعن مؤسسيها ، ولكن بعد مغادرته لها حتى لا يُتَّهم ، وأبان للعالم أنها دولة دعوة ، وعمل في قطر ، فساهم في بناء كلية الشريعة هناك ، وفي الكويت كانت له لقاءات دورية أفاد بها كثيرا من المسلمين وعرفته المؤتمرات في أوربا وأمريكا وفي مشرقنا الإسلامي العريض ، كما ذهب إلى الجزائر ليعمل مديرا لجامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة والتي بدأها بكلية واحدة في حين أنها الآن تضم كليات تنتظم الجزائر كلها .
لقد كرس حياته كلها في خدمة الدعوة الإسلامية، والجهاد من أجل إعادة الهوية العربية والإسلامية لكثير من شعوب العالم ، على رأسها مصر والجزائر . لقد كرس حياته كلها في خدمة الدعوة الإسلامية، والجهاد من أجل إعادة الهوية العربية والإسلامية لكثير من شعوب العالم ، على رأسها مصر والجزائر ، قضى ما يزيد على شطر حياته الأول في محاربة الاستبداد السياسي ، وبيان مكائد الاستعمار ، والتحدي للتيار العلماني والزحف الأحمر، وضد طعنات المستشرقين وسماسرتهم في القرآن والسنة ، وتوضيح معالم الإسلام ، وإرساء قواعد الدعوة إلى الله تعالى ، بينما كان شطر حياته الثاني مركَّزًا في محاربة الفهم المغلوط للإسلام ، والإنكار الشديد على العقول السقيمة والفكر السطحي والفقه البدوي الذي يصطلي بشُواظٍ من نارٍ أُفْعم بها قلب الشيخ وقلمه [i]